لماذا ما نتعلّمه في الجامعات لا نستخدمة في الوظيفة!



  1. نتخرّج من الثانوية العامة ننجح ونشعر وكأن جزءا من مستقبلنا قدّ تبيّنت وظهرت ملامحه، نُقرر أي كلية نختار الدراسة فيها في الجامعة، ونبدأ في خوض معركة التخرّج والظفر بالشهادة  للحصول على الوظيفة المرغوبة 
وبعد كلّ هذا نفاجأ  ونشعر بالصدمة من أن جُل ما تعلّمناه من مواضيع ومواد ليست صالحة للاستخدام في مجال العمل. وكلّ ما تعلّمناه ذهب أدراج الرياح. ونقف نشعر بالأسى على أنفسنا.

من المسؤول وما الحل؟

سألنا مجموعة من الأشخاص الذين تخرجوا من الجامعات وحصلوا على وظائف في مجالات تخصصهم عما إذا كانوا يستخدمون ما تعلموه من علوم ومعارف في الجامعة على أرض الواقع وفي ميدان العمل. كان جواب أغلبهم "لا"؛ وأصرّ بعضهم على أنهم لو تعلموا كيفية عمل الفطائر المُحلّاة لكان خيراً لهم!
إن الكثير من مواد الجامعات تمثل حشو كلامٍ فارغ؛ معارف أكل عليها الزمن وشربـ، وكلّ ما تأخذه من تلك المواد هو إصابتك  بالصداع مما يتلقفه دماغك من معلومات .
أصبحت كثير من الجامعات بنوكًا خدمية، لا تُرّكز على المحتوى الذي تُقدّمة بقدر ما تُركّز على كيفية جمع الأموال من الطالب؛ فبات الطلاب كدافعي الضرائب ومسددي الجبايات. تختار جعلها مثل هذه الجامعات المناهج بلا أي استراتيجات وأهداف واضحة. بل جُلّها يركز على الغاية وليس على الطريقة مما أضرّ بمخرجات التعليم في الجامعات. بيد إننا في هذا المقال لسنا بصدد الحديث عن الجامعات وجمع الأموال من الطلاب .
لو أن الجامعات عِوضاً عن تلك المواد تُعلّمنا أساسيات الحياة المهنية وأساليب التكيّف مع تطورات العصر، وتعلمنا كيف نمتلك أدوات التطوير في عالم متسارع التغيير، وتدّرسنا تنمية الذات والصعود على سُلم النجاج بعد الفشل، وتعلمنا كيف نتقبّل اختلافتنا وننبذ ما يفرّقنا، ألن يكون الأمر أفضل مما يقوم به معظمها الآن؟
نحن نحتاج لخطوات واضحة نسير عليها لنحقق أقصى استفادة من تخصصاتنا في سوق العمل.
لو عدنا بالتاريخ لفترة نهضة الأمة الإسلامية، ودرسنا نظام التعليم عن قرب، وقُمنا بالتمحيص حول أسرار تقديم المعلومة وتلقيها، لوجدنا أنهم كانوا يرّكزون على أنواع المعارف التي تفيدهم في حياتهم العامة؛ وفي تعاملاتهم وسلوكياتهم وأنظمة حياتهم، والدين الذي يضع أنظمة وقوانين حياتهم، والعلوم الطبيعية بأنواعها، والعلوم التي تفيدهم في أمور حياتهم كافة. وهذا ما أتاح لهم الصعود بِأُممهم نحو قمم الحضارات؛ وتاريخ الحضارة الإسلامية يشهد على ذلك.
قد يرى البعض أن وجهة نظري غير موضوعية ولا تتحلى بالمنطق؛ ولكنني أعتقد أن اللا منطقي هو الرؤية الكامنة وراء وضع المناهج التي ندرسها في الجامعات؛ ما هي أسس اختيارها ومن أي مُنطَلق تم إقرارها ووضعها تحت التنفيذ؟
يجب أن تُقرر الإستراتيجيات التي يتم اختيار المساقات الجامعية وفقاً لها على أساس حاجات سوق العمل لها، ووفق تقييم مقدرة هذه المساقات على تطوير المدارك العقلية والمهارات الشخصية للطلاب، وليس كما هو الحال اليوم في كثير من الجامعات .
لقد أصبحنا في عصر قياس النتائج في ضوء الأهداف، ووفقاً لذلك يتم وضع الأنظمة والخطط والبرامج واستخدام الأدوات والوسائل. وهذا الأمر ينبغي – بصفة خاصة – أن ينطبق على وضع المناهج الدراسية في الجامعات؛ حيث تكون المخرجات المتوقعة بعد التخرج واضحة ومحددة وقابلة للقياس والتحقق بناءً على مقاييس موضوعية تستند إلى الواقع العملي والاحتياجات المجتمعية والعلمية والأكاديمية.
وفي ضوء غياب مثل هذه الرؤية عند وضع المناهج الجامعية، فإننا نتخرّج في الجامعات بشهاداتٍ نفخر بها وتُشعرنا بإنجازاتنا، ولكن ما فائدة الشهادة بلا أي معرفة عملية في مجال تخصصك؟ وكأنك تزرع شوكاً وتنتظر نموّ الزهور!

الحل؟

لا نريد أن نقول إن على الجامعات تغيير مناهجها بما يناسب سوق العمل، ولكن عليها مراجعة وتعديل بعض المساقات علّها تنفعنا في وظيفتنا وفي الحياة العملية. على كثير من الجامعات أن تنقّح بعض المواد لتناسبنا وتناسب المطالب الفعلية على أرض الواقع. يجب أن يحدث التغيير لتحقيق أقصى استفادة مرجوّه من التعليم العالي، بما يعود بالنفع والارتقاء على الجامعات ومستوى الطُلاب. فقط بهذه الطريقة يمكن تأهيل الطلاب لممارسة وظائفهم في مجال العمل وتنمية مهاراتهم لمواجهة تحديات العصر وتعقيداته.
هذا المقال ليس بحرب نشنّها على مناهج الجامعات؛ ولكنه بمثابة رجاء  للتغيير والتطوير. عالمنا مُتسارع ولا مجال للانتظار .

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.